ودّع المنتخب الوطني الجزائري منافسة كأس أمم أفريقيا الجارية وقائعها بالكاميرون من الباب الضيق، بعدما أقصي على يدّ الفيلة الإيفوارية خلال مباراة الجولة الثالثة إثر الهزيمة الثانية تواليا بنتيجة (3 - 1)، وهو ما جعل «الخضر» يفشلون في الحفاظ على لقبهم القاري، ويضيعون أول أهداف سنة 2022 التي كانت مسطرة من قبل الاتحادية الجزائرية لكرة القدم.
فشل الناخب الوطني جمال بلماضي في قيادة كتيبته، لاقتطاع تأشيرة العبور إلى الدور ثمن النهائي من منافسة كأس أمم أفريقيا 2022، بعد تكبّدهم هزيمة قاسية بثلاثة أهداف لهدف واحد أمام منتخب كوت ديفوار، بمقابلة لخصت الوضعية الحرجة التي تواجد فيها لاعبو المنتخب الوطني خلال «الكان».
لم يكن أشد المتشائمين من أنصار الفريق الوطني يتوقّع خروج رفقاء رياض محرز، من الدور الأول لأمم أفريقيا دون تحقيق أي فوز وبتكبد هزيمة ثقيلة، طرحت أكثر من تساؤل حول الأسباب التي جعلت «الخضر» يظهرون بهذا الوجه الشاحب ويتراجعون بهذا الشكل الرهيب.
الخضر عجزوا خلال أمم أفريقيا من فرض منطقهم وطريقة لعبهم، كما فقدوا أقوى أسلحتهم وهي النجاعة الهجومية أمام المرمى، حيث خلال 03 مواجهات كاملة سجلوا هدفا وحيدا أمام منتخب كوت ديفوار، بعد تراخي دفاع الأخير حين كانت النتيجة لصالحهم بثلاثية نظيفة، فيما أن المنظومة الدفاعية القوية التي أسسها بلماضي خلال «كان» مصر، انحلت برحيل عدلان قديورة الذي يتواجد دون منافسة رسمية مع فريقه الجديد شيفيلد يونايتيد.
إبقاء نفس الأسماء أدى إلى التراجع
في ذات السياق، نقص منافسة الكثير من اللاعبين الأساسيين الذين أصّر الطاقم الفني الاعتماد عليهم في المواجهات الثلاثة، كانت من بين الأسباب التي أدت إلى تراجع مستوى المنتخب خلال «كان» الكاميرون، واعتمد على 05 لاعبين كاملين لا يلعبون كثيرا، يتعلق الأمر بكل من الظهير الأيمن يوسف عطال، الذي عانى الأمرين مع الجناح الإيفواري السريع ماكس غراديل بسبب نقص المنافسة التي يعاني منها، حيث خاض 13 مواجهة مع نيس في «الليغ 1» بمعدل 934 دقيقة لعب.
كما أن المدافع المحوري عيسى ماندي لعب نفس عدد المواجهات منذ انطلاق الموسم، من أصل 31 مقابلة خاضها فريقه فياريال الإسباني محليا وأوروبيا، وهو ما يعتبر عددا ضئيلا لمدافع محوري يخوض دورة من حجم كأس أمم أفريقيا.
القوي جمال الدين بن العمري، هو الآخر بدا عليه التراجع البدني، حيث لعب 10 مواجهات مع فريق قطر بسبب تعرّضه لإصابات عدة، وهو ما جعله يقوم بعديد الأخطاء خلال تصفيات كأس العالم وبكأس العرب للأمم، وكان سببا في تلقيه تمزقا عضليا أمام منتخب غينيا الاستوائية التي عرفت نسقا عاليا.
المحارب سفيان فغولي المعروف بنقله الخطورة من خط الوسط إلى الهجوم، وتجسيده للعديد من الأهداف بفضل القوة التي يمنحها لزملائه حين يأتي من الخلف، غابت خلال «كان» الكاميرون بسبب خروجه من مخططات المدرب فتيح تيريم في مباريات غلاطاسراي، وهو ما قلل من خطورة «الخضر» الهجومية.
أضف إلى ذلك فإن المايسترو يوسف بلايلي وصانع فرص المنتخب، يعاني من داء غياب المنافسة هو الآخر، حيث خاض 08 مواجهات مع فريقه السابق قطر، و06 مباريات مع المنتخب المحلي، واتضح للجميع بأنه ليس جاهزا من الناحية البدنية لإكمال 90 دقيقة، كلها معطيات ساهمت في تراجع أداء المنتخب.
تحطيم الرقم القياسي العالمي
عامل آخر فوّت على المنتخب الوطني التأهل للدور الثاني، هو دخول المنافسة بثقة مفرطة في ضمان التأهل بسهولة، كون الأفناك لم ينهزموا طيلة 34 مواجهة كاملة وقتها، وكانوا على بعد 04 مباريات لتحطيم الرقم القياسي العالمي المتواجد بحوزة منتخب إيطاليا، وهو الرقم الذي زاد الطين بلة وجعل الجميع يلعب من أجل تفادي الهزيمة في المباريات الصعبة، الأخيرة حين جاءت بعد 03 سنوات كانت سببا في انهيار الفريق الوطني على كل الأصعدة، وهو الأمر الذي أبان للجميع الضعف الذهني الكبير الذي يتميز به لاعبونا الذين يعرفون تسيير النجاح لا الهزيمة.
بلماضي وقاعدة المنافسة بين اللاعبين
سبب آخر من أسباب الفشل في الكاميرون، هو اعتماد الناخب الوطني على نفس التشكيلة والخطة طيلة 3 سنوات متتالية، الأمر الذي جعل الجزائر كتابا مفتوحا لكامل المنافسين، الذين درسوا طريقة تحرّك رفقاء بن سبعيني دفاعيا وهجوميا، وحضروا للإطاحة بالمنتخب الذي لا يزج بالنفس الجديد في مبارياته، كون فلسفة بلماضي تعتمد على الحفاظ على نواة المجموعة، والدليل أنه اصطحب معه إلى الكاميرون 13 لاعبا لم يشاركوا في كأس أمم أفريقيا الماضية، لكنه استعان بـ 07 لاعبين فقط، بينهم (بلقبلة، بن دبكة، زروقي) الذين لعبوا في منصب واحد.
تلقي هزيمتين وغياب خطة لعب واضحة وغياب النجاعة أمام المرمى، جعل بلماضي يشير إلى أنه قد يحدث ثورة في التشكيلة الأساسية، خلال الدور الفاصل المؤهل لكأس العالم، حين قال «سنأخذ الوقت لتحليل كل ما حدث ولدراسة كل التفاصيل، قصد العودة أقوى من السابق»، تصريح جاء ليؤكد بأنه يعي قتله للمنافسة بين لاعبيه في كل المراكز، خصوصا بعدما أقحم بن دبكة الذي أبان له في كل مناسبة أحقيته باللعب أساسيا.
الوصول المتأخر إلى الكاميرون سبب آخر
من بين الأخطاء الكبيرة التي ارتكبها الطاقم الفني للمنتخب الوطني، وصوله المتأخر إلى الكاميرون لدخول غمار نهائيات كأس أمم أفريقيا، حيث كان المحاربون آخر منتخب يحط الرحال هناك، بعد تربص دام أكثر من 10 أيام في قطر التي لا تتشابه في مناخها مع الكاميرون، حيث إن الأخيرة تتميز بمناخ استوائي حار وكثير الرطوبة ليلا ونهارا، وهو ما جعل مشكلة التأقلم تصادف اللاعبين منذ اليوم الأول، أين يؤكد الخبراء بأنه يلزم على الأقل لجسم الإنسان البقاء 08 أيام لكي يتعود على مناخ مختلف عن البيئة القادم منها، وهو ما لم يحدث للاعبينا الذين خاضوا مواجهة السيراليون، بعد 03 أيام من وصولهم إلى مدينة دوالا.
خطأ بلماضي هذا كان قد تحدث عنه الناخب الأسبق رابح ماجر، حين قال في أحد الندوات بالحرف الواحد، «المناخ في الكاميرون صعب، ولذا سأقوم بتربص ببلد محاذي له قصد تأقلم اللاعبين لدخول المنافسة بقوة»، قبل أن يتم إلغاء دورة 2019 هناك وتحويلها إلى مصر بسبب تأخر نهاية الأشغال.
يذكر أن الناخب الوطني جمال بلماضي، سيدخل اليوم في أجواء التحضير للمواجهة الفاصلة لنهائيات كأس العالم 2022 بقطر، حيث سيتم التعرف على المنافس في الظهيرة خلال القرعة التي ستقام اليوم.